نشرة الأخبار التلفزيونية: من إيصال الخبر إلى الانتاج
مركز دراسات الجزيرة :
تقوم هذه الأطروحة بدراسة تغطية التلفزيون الفرنسي للمجتمع العراقي خلال الحرب على العراق سنة 2003، وتتناول نتائج ذلك على تمثل صورة الثقافة العربية الإسلامية، والسؤال الرئيس الذي تطرحه يتلخص كالتالي: كيف للتلفزيون وخصوصا "تي أف 1" (TF1)، و"فرانس 2" (Fr2) أن يشكلا "تلفزيونيا" صورة لثقافة أخرى في سياق الحرب؟
وتبين الدراسة أن الروابط بين الغرب والشرق في سياق العمل الصحافي، لا تزال تؤثر على الخطاب الإعلامي، لذلك فإن تشكيل فضاء لمرجعية عراقية داخل العمل التلفزيوني إنما يتم وفق معالجة جامدة لمعلومة منغرسة في سياق الصور النمطية المتأصلة في سياق المخيال الجمعي.
تدخل القصص الإخبارية وإنتاج الصور ضمن مجال المعلومات الخاضعة لعمليات السيناريو والمندرجة ضمن رؤيتين: عقد وسائل الاتصال، أي عقد المعلومة وعقد الالتقاط. وفي هذا الصدد، يبدو كما لو كان الخبر التلفزيوني يشرح مشكلة مجتمعية من خلال إجراءات "سيناريوهية" حددناها في الدراسة بوصفها استعانة بالتاريخ، وبالطابع الشخصي للمعلومة، وبتفسيرها والتنبؤ الصحافي.
وهذه الإجراءات "السيناريوهية" تجعل على سبيل المثال الشخصيات الدينية في الواجهة بوصفهم أبطال المجتمع العراقي، كما أن هذه الإجراءات تنتج خطاب خوف مؤسس على هيمنة الأغلبية (الشيعية) على الأقلية المسيحية.
وتمنح هذه الفرضية تفكيرا منصبا على الحدث الإعلامي وإجراءاته في التمثل، وفي هذا الصدد يقود التمثل التلفزيوني إلى معالجة المجتمع العراقي في إطار رمزي، ومن خلال الرموز يأتي التمثل ليتجاوز الخبر والحياة المعيشة.
ووجدت الدراسة أنه من خلال جعل الحدث مادة إعلامية فإن المجتمع العراقي يصبح موضوعا للتحول من فضاء ملموس هو الميدان الذي يجري فيه الحدث، إلى مستوى مجرد ورمزي. وبالتالي فإن التقاطع بين الخطاب الإخباري وعلامات العالم الرمزي يسبب أزمة في تمثل الآخر.
وفي هذه الفترة من النزاعات المسلحة، صارت الأخبار التلفزيونية منتجا للتمثل الاجتماعي أكثر من كونها تقديما للوقائع. وهنا يطرح التساؤل حول الكيفية التي يمكن بها للتلفزيون أن يساهم في حوار الثقافات والاعتراف بالآخر.
الباحث: جاد عويدات
الجامعة:ميشيل دي مونتينْ بوردو3(فرنسا)
إشراف: البروفسور تييري لانسيين (معهد علوم الإعلام والاتصال)