إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ...
أما بـــــــــعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى نبينا محمد صلى الله عليه و سلم وشر الأمور محدثاتها ،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
ثم أما بـــــــــعد: أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم و رحمة الله
شرف كبير أن أتقدم إليكم بهذه السلسلة بعنوان
سلسلة المفاتيح الدعوية لسورالقرآن الكريم
لفضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي
رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر
مفاتيح سورة الطلاق .
أولاً: اسم السورة
هذه السورة تُسمى بـ
1ـ سورة الطلاق (1)
وذلك لبيانها كيفية الطلاق السني،
وما يترتب عليه ، من: العدة ، والنفقة ، والسكنى (2).
وفي ذات الوقت : للإشارة بهذه التسمية إلى .. حسن التدبير
في المفارقة والمهاجرة ، بتهذيب الأخلاق بالتقوى ، لا سيما في الإنفاق،
لا سيما إن كان ذلك عند الشقاق، لا سيما إن كان في أمر النساء،
لا سيما عند الطلاق (3)
2ـ سورة : النساء القصري (4).
وهذه تسمية ابن مسعود لها ، كما أخرجه البخاري وغيره .
وقد أنكر هذه التسمية " الداودي"، فقال : لا أرى قوله "القصرى"
محفوظاً ، ولا يقال في سورة من القرآن : قصرى ، ولا صغرى.
وتعقب ذلك ابن حجر ، فقال : هذا ـ أي كلام الداودي ـ ردّ
للأخبار الثابتة بلا مستند، والقصر والطول : أمر
نسبي ، وقد أخرج البخاري عن زيد بن ثابت أنه قال : "طوبى
الطوليين" ، وأراد بذلك : سورة الأعراف (5).
هذا ...
وقد سميت بهذا الاسم : لأن العدل في الفراق .. بعض
مطلق العدل ، الذي هو مقصود سورة النساء (6).
-------------------------------
عدد آياتها (7)
ـــ
وعدد آياتها : (12) اثنتا عشرة آية
كلماتها : (240) مائتان وأربعون كلمة
حروفها : (1060) ألف وستون حرفاً
------------------
سبب نزول سورة الطلاق
ــ
1ـ (بسم الله الرحمن الرحيم) قوله عز وجل (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) الآية . روى قتادة عن أنس قال : طلق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حفصة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقيل له راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهي من إحدى أزواجك ونسائك في الجنة.
2ـ وقال السدي : نزلت في عبد الله بن عمر، وذلك أنه طلق امرأته حائضاً، فأمره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يراجعها ويمسكها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى ، فإذا طهرت طلقها إن شاء قبل أن يجامعها، فإنها العدة التي أمر الله بها.
3ـ أخبرنا منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي، أخبرنا أبو عمر محمد ابن أحمد الحيري، أخبرنا محمد بن ديجونة، أخبرنا عبد العزيز بن يحيى، أخبرنا الليث بن سعد، عن نافع ، عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة واحدة، فأمره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر وتحيض عنده حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فيطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء (
.
4ـ أخرج الحاكم عن ابن عباس قال : طلق عبد يزيد أبو ركانة أم ركانة، ثم نكح امرأة من مزينة فجاءت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فقالت: يا رسول الله ماعني ماعني إلا عن هذه الشقرة، فنزلت – " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " ـ وقال الذهبي : واه والخبر خطأ ، فإن عبد يزيد لم يدرك الإسلام.
5ـ وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أنس قال : طلق رسول – صلى الله عليه وسلم – حفصة فأتت أهلها ، فأنزل الله – " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " ـ فقيل له : راجعها فإنها صوامة قوامة، وأخرجه ابن جرير عن قتادة مرسلا وابن المنذر عن ابن سيرين مرسلا .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله ـ " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء" ـ الآية . قال بلغنا أنها نزلت في عبد الله بن عمرو بن العاص وطفيل ابن الحرث وعمرو بن سعيد بن العاص (9).
--------------------------
ترتيبها
ـــ
مدنية .
أ ـ في المصحف.
ب ـ في النزول .. بعد : سورة " الإنسان " ، وقبل : سورة "البينة".
----------------------------
هدف السورة
ــ
1ـ تقدير حسن التدبير ، في المفارقة والمهاجرة : بتهذيب الأخلاق بالتقوى، لا سيما في الإنفاق، لا سيما إن كان ذلك عدد الشقاق ، لا سيما إن كان في أمر النساء.. !!
لا سيما عند الطلاق .. !!
ليكون الفراق : على نحو التواصل والتلاق (10).
2ـ بيان انفصال الزوجين على الوجه الجميل، وذلك بعرض بعض أحكام تصفية آثار العلاقة الزوجية.
3ـ الإشارة القوية إلى أن تنفيذ أحكام الله عز وجل وتنفيذها والالتزام بذلك هو من لب عبادة الله تعالى.
4ـ لفت الأنظار من خلال التركيز الشديد على بعض هذه الأحكام الأسرية إلى :
أن الإسلام : نظام أسرة ، للبيت فيه مكانة عالية ، ومنزلة مؤثرة.
أن النظام الإسلامي : يرفع العلاقات الزوجية الإنسانية إلى مستوى القداسة.
أن النظام الإسلامي: نظام واقعي
والنفس البشرية كما هي مع المحاولة الهادفة الهادئة الدائبة لرفعها إلى المستوى الكريم اللائق بها.
أن النظام الإسلامي : يعالج رواسب الجاهلية ومخلفاتها لانقاذ أفراده ـ دونما مطالبة منهم – من صور الظلم والمهانة.
------------------------
التناسب بينها وبين التغابن
ــ
1ـ لما ختمت "التغابن" (11) بأنه تعالى : شكور ، حليم ، عزيز، حكيم، مع تمام العلم، وشمول القدرة، بعد التحذير من النساء بالعداوة، وكانت العداوة تجر إلى الفراق ..!!
افتتح هذه بذم الأنفس، عند ثوران الحظوظ ، بزمام التقوى.
وقد أعلى الخطاب جداً : بتوجيهه إلى أعلى الخلق، تنبيها على عظمة الأحكام الواردة في هذه السورة؛ حيث إنها مبنية على الأسماء الأربعة، لتتلقى بغاية الرغبة.
2ـ إذ كان المولى سبحانه وتعالى (12) : قد قال في سورة "التغابن" (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) .. !!
وكانت العداوة : قد تفضي إلى الطلاق..
فقد ذكر عز وجل في هذه السورة : الطلاق، وأرشد سبحانه وتعالى إلى الانفصال على الوجه الجميل ..؟؟ يوجد ورقة من تفسير المراغي؟؟
وذكر - أيضا – فيها : ما يتعلق بالأملاه في الجملة .
3ـ ومناسبتها لما قبلها ، أنه قال في السورة السابقة : " إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم " وكانت هذه العداوة قد تفضي إلى الطلاق ـ أرشد هنا إلى أحكام الطلاق والانفصال عن الأزواج على أجمل وجه (13).
--------------------------
تقسيمها
ــــ
تتكون هذه السورة من : (5) فقرات (14).
الفقرة الأولى : عبارة عن (3) آيات .
من الآية الأولى ، وحتى نهاية الآية (3).
وفيها :
حديث عن أحكام الطلاق ، والعدة ، وبقاء المعتدة في بيت الزوجية. وحكم إرجاعها ، أو تفريقها .
ولأن الطلاق : يقتضي زواجاً جديداً ، وعقداً جديداً .. !!
ولأن بقاء المعتدة في بيت الزوجية : يقتضي إنفاقاً عليها وإحصاءً لعدتها ..!!
ولأن إرجاع المعتدة ، أو فراقها : فيه نوع تعامل مع المجهول .. !!
فإن الأمر في ذلك كله يحتاج إلى : تقوى الله تعالى ، وتوكل عليه سبحانه، ولذا .. فقد أمر بذلك سبحانه ، وشدد عليه.
الفقرة الثانية : عبارة عن آيتين فقط.
وهما : الآيتان 5 ، 4 من السورة .
وفيها :
بعد ما بين الفقرة الأولى: عدة المطلقة طلاقاً رجعياً ، إذا كانت تحيض ..!!
بين هنا : عدة من لا تحيض لكبر سن، أو صغره، أو لأي سبب آخر.
وكذلك : عدة الحامل.
ولأن هذه الفترة ، تقتضي ضبط النفس، وقوة التحمل، وحسن المعاملة، والصدق في تصحيح الخطأ ، والرجوع عنه، وفعل الصواب، والتحلي به، طاعة لله تعالى .. إلى جانب المحافظة على حقوق الطرف الآخر .. !!
فقد حث المولى سبحانه على التقوى ، ورغب فيها ، ووعد الملتزم بها خيراً كثيراً ، وفضلاً عظيماً .
الفقرة الثالثة : عبارة عن آيتين فقط.
وهما : الآيتان (6 ، 7 ) من السورة .
وفيها :
بيان حكم سكن المطلقة ، والإنفاق عليها ، حتى تنتهي العدة، أو تضع حملها، إن كانت حامل.
وبيان حكم إرضاع المولود ، وعلى من تكون أجرة الرضاع.
وبيان حدود النفقة ، في كل هذه الأحوال.
الفقرة الرابعة : عبارة عن (4) آيات.
من الآية (
حتى نهاية الآية (11).
وفيها :
تعقيب على الأحكام والتعاليم والأحوال السابقة.
وذلك :
بالوعظ العام.
والتهديد والإنذار : لمن يخالف أوامر الله ورسوله .
والبشارة : للذين يلتزمون أحكام الله تعالى.
ويلاحظ : أن الوعظ في ابتداء الفقرة ، انصب مخاطباً القرى، دون الأفراد .. وكأن في ذلك إنذار للأمم التي تعتمد قوانين تخالف شرع الله .
كما أن في ذلك سوق للعبارة في مصير الذين عتوا عن أمر ربهم ورسله، فلم يسمعوا ، ولم يستجيبوا.
وهو ـ في ذات الوقت ـ تعليق للعبرة من مصيرهم على الرؤوس؛ تذكر بالمصير البائس ، الذي ينتظر من لا يتقي ولا يطيع، كما تذكر بنعمة الله على المؤمنين المخاطبين بالسورة ، وبما فيها من تشريع.
الفقرة الخامسة : عبارة عن .. آية واحدة فقط .
وهي الآية رقم (12) وهي خاتمة آيات السورة .
وفيها :
تبيان لكون أحكام الله تعالى في الإحكام ؛ لأنه سبحانه المحيط علماً بكل شئ.
وتبيان ـ كذلك ـ لقدرة الله على إيجاد ما وعد ، وأوعد ؛ لأنه سبحانه هو القادر على كل شئ.
ويلاحظ : أن تبيان هذا وذاك ـ هو بمثابة الحض على الإيمان، والإلتزام بمتطلباته.
-----------------------
فوائد من سورة الطلاق
ــ
1ـ قوله تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) [أفرج آية في القرآن ].
سبب نزولها : ما حدث من مالك الأشجعي حينما أسر ابنه عوف (15).
[ لا حول ولا قوة إلا بالله ] .
2ـ قوله تعالى ( سيجعل الله بعد عسر يسراً )
روى الإمام أحمد حديثاً عن أبي هريرة (16) .. حول الرجل وامرأته .. وما حدث بينهما ... وما قال أبو هريرة .. " فوالذي نفس أبي القاسم بيده هو قول محمد – صلى الله عليه وسلم – " لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتا إلى يوم القيامة " .
3ـ قال ابن الفرس : قال أكثر المفسرين : معنى الآية في الطلاق أي : من لا يتعدى طلاق السنة إلى طلاق الثلاث يجعل له مخرجاً إن ندم في الرجعة. قال : وهذا يستدل به على تحريم جمع الثلاث ؛ وأنها إذا جمعت وقعت ـ نقله في (الإكليل).
وقال ابن القيم في (الإغاثة) : اعلم أنه من اتقى الله في طلاقه، فطلق كما أمره الله ورسوله وشرعه له، أغناه عن الحيل كلها. ولهذا قال تعالى ، بعد أن ذكر حكم الطلاق المشروع : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) . فلو اتقى الله عامة المطلقين لاستغنوا بتقواه عن الآصار والإغلال ، والمكر والاحتيال، فإن الطلاق الذي شرعه الله سبحانه : أن يطلقها طاهراً من غير جماع، ويطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، فإن بدا له أن يمسكها في العدة أمسكها، وإن لم يراجعها حتى انقضت عدتها، أمكنه أن يستقبل العقد عليها من غير زوج آخر. وإن لم يكن له غرض لم يضره أن تتزوج بزوج غيره، فمن فعل هذا لم يندم، ولم يحتج إلى حيلة ولا تحليل. ولهذا سئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته مائة فقال: عصيت ربك ، وفارقت امرأتك ، لم تتق الله فيجعل لك مخرجاً .
وقال سعيد بن جبير : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني طلقت امرأتي ألفا. فقال : أما ثلاث ، فتحرم عليك امرأتك ، وبقيتهن وزر، اتخذت آيات الله هزواً.
وقال مجاهد : كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا، فسكت حتى ظننت أنه رادها إليه، ثم قال : ينطلق أحدكم فيركب الأحموقة، ثم يقول: يا ابن عباس !ّ يا ابن عباس ! وإن الله تعالى قال : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) وإنك لم تتق الله فلا أجد لك مخرجاً ، عصيت ربك ، وبانت منك امرأتك ـ ذكره أبو داود (17) ـ والبحث طويل الذيل لا يستغني عن مراجعته.
4ـ (الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن) أي : المعبود المستحق للعبادة ، من هذا خلقه ، لا ما يشرك معه . وههنا .
لطائف
الأولى ـ قال الزمخشري : قيل ما في القرآن آية تدل على أن الأرضين سبع إلا هذه . انتهى.
قال بعض علماء الفلك : أما كون الأرضين سبعاً كالسموات، فهو أمر نجهله ولا نفهمه إلا إذا أريد به أن للأرض سبع طبقات. قال : والحق يقال أن كون الأرضين سبعاً، هو كما يظهر لنا وهم من أوهام القدماء، ولذلك لم يرد في القرآن الشريف لفظ الأرض مجموعاً ـ أي أرضين ـ ولم يرد فيه مطلقاً أن الأرضين سبع، مع أنه ذكر أن السموات سبع، مراراً عديدة وفي كل مرة يذكر معها الأرض بالأفراد. نعم ! ورد فيه قوله تعالى :
( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن ) وهي الآية الوحيدة التي فهموا منها أن الأرضين سبع، وهي كما لا يخفى لا تفيد ذلك مطلقاً .
قال : ولنا في تفسيرها وجهان :
إما أن تكون ( مِن ) في قوله تعالى ( ومن الأرض ) زائدة ، وإما أن تكون غير زائدة.
أما على الوجه الأول : فتقدير الآية هكذا : الله الذي خلق سبع سموات والأرض خلقها مثلهن . وعلى تفسيرنا هذا تكون هذه الآية دالة على أن الأرض خلقت كباقي الكواكب السيارة من كل وجه . أي : أنها إحدى السيارات ، وهو أمر ما كان معروفاً في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – وما كان يخطر ببال أحد من العرب ، وذلك من دلائل صدق القرآن . والأرض مثل السيارات الأخرى في المادة، وكيفية خلقها ، وكونها تسير حول الشمس، وتستمد النور والحرارة منها، وكونها مسكونة بحيوانات كالكوكب الأخرى ، وكونها كروية الشكل. فالسيارات أو السماوات هي متماثلة من جميع الوجوه، وكلها مخلوقة من مادة واحدة ، وهي مادة الشمس ، وعلى طريقة واحدة . قال الله تعالى (18) ( أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا) أي شيئا واحداً (ففتقناهما ) أي فصلنا بعضهما عن بعض، فالأرض خلقها الله تعالى مثل السموات تماماً .
وأما على الوجه الثاني : وهو أن ( مِن ) غير زائدة ، فتقدير الآية هكذا: الله الذي خلق سبع سموات وخلق من الأرض أرضاً مثلهن ، فالآية واردة على طريقة التجريد، كقولك : اتخذت لي سبعة أصدقاء، ولى من فلان صديق مثلهم. أي مثلهم في الصداقة. أو التقدير: وبعض الأرض مثلهن في مادتها وعناصرها. وعليه، فليس في القرآن الشريف أدنى دليل على أن الأرضين سبع كما يزعمون . انتهى.
الثانية ـ ذكر ابن الأثير في (المثل السائر) في النوع السادس، في اختلاف صيغ الألفاظ واتفاقها وتفاوتها في الحسن فيه ، ما مثاله :
وفي صدد ذلك ما ورد استعماله من الألفاظ مفرداً ، ولم يرد مجموعاً، كلفظة الأرض، فإنها لم ترد في القرآن إلا مفردة ، فإذا ذكرت السماء مجموعة. جيء بها مفردة معها في كل موضع من القرآن. ولما أريد أن يؤتي بها مجموعة قيل (ومن الأرض مثلهن) في قوله تعالى: ( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن). انتهى..
الثالثة ـ قرئ (مثلهن ) بالنصب، عطفاً على (سبع) وبالرفع على الابتداء، وخبره (من الأرض).
(يتنزل الأمر بينهن) أي يجري الله أمر الله وحكمه بينهن، وملكه ينفذ فيهن. وقوله : " لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شئ علماً" علة لـ ( خلق) أو لـ ( يتنزل) أو لمضمر يعمهما ، كفعل ما فعل لتعلموا ... الخ، فإن كلا منهما يدل على كمال قدرته وعلمه (19).
* * *
المراجع والهوامش
ــــ
1ـ انظر : السخاوي .. جمال القراء 1/37 ، القرطبي .. الجامع لأحكام القرآن (س:65) ، الفيروز أبادي .. بصائر ذوي التمييز 1/469، البقاعي .. نظم الدرر (س:65) ، السيوطي .. الإتقان (النوع : 17) ، الشوكاني .. فتح القدير ، الألوسي .. روح المعاني : (س : 65).
2ـ انظر : القاسمي .. محاسن التأويل (س:65).
3ـ البقاعي ( مصدر سابق).
4ـ انظر : السخاوي ، الفيروز أبادي ، البقاعي ، السيوطي، الألوسي (مصادر سابقة).
5ـ انظر : السيوطي .. الإتقان ( النوع : 17) ، الألوسي .. روح المعاني (س: 65).
6ـ البقاعي (مصدر سابق).
7ـ انظر : مكي .. التبصرة ص 353 ، السخاوي .. جمال القراء 1/2221، الفيروز أبادي .. بصائر 1/469 ، الألوسي .. روح المعاني (س:65)، نثر المرجان 7/379.
8ـ أسباب النزول للواحدي.
9ـ لباب النقول ص 221.
10ـ نظم الدرر 20/139.
11ـ نظم المدرر 20/139.
12ـ الألوسي .. روح المعاني (س : 65).
13ـ تفسير المراغي.
14ـ الأساس 10/5971 وما بعدها (بتصرف).
15ـ ... ؟
16ـ ... ؟
17ـ أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق ، باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث.
18ـ الأنبياء / 30.
19ـ القاسمي.
******************************
بقلم فضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي
رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر
