فوائد الصلاة الدينية: عقد الصلة بين العبد وربه، بما فيها من لذة المناجاة للخالق، وإظهار العبودية لله، وتفويض الأمر له، والتماس الأمن والسكينة والنجاة في رحابه، وهي طريق الفوز والفلاح، وتكفير السيئات والخطايا، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1 و 2] {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا* إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا* وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا* إِلا الْمُصَلِّينَ} [المعارج 19 - 22].
وقال صلى الله عليه وسلم: "أرأيتم لو أن نَهَراً بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يَبْقى من دَرَنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال: فكذلك مَثَل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا" متفق عليه.
وفي حديث آخر عن أبي هريرة أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن، ما لم تُغْشَ الكبائر" رواه مسلم والترمذي. وعن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "إن العبد إذا قام يصلي، أُتي بذنوبه فوضعت على رأسه أو على عاتقه، فكلما ركع أو سجد، تساقطت عنه" رواه ابن حبان، أي حتى لا يبقى منها شيء إن شاء الله تعالى.
فوائد الصلاة الشخصية: التقرب بها إلى الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وتقوية النفس والإرادة، والاعتزاز بالله تعالى دون غيره، والسمو عن الدنيا ومظاهرها، والترفع عن مغرياتها وأهوائها، وعما يحلو في النفس مما لدى الآخرين من جاه ومال وسلطان: {{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].
كما أن في الصلاة راحة نفسية كبيرة، وطمأنينة روحية وبعداً عن الغفلة التي تصرف الإنسان عن رسالته السامية الخالدة في هذه الحياة، قال صلى الله عليه وسلم: "حُبِّب إلي من دنياكم: النساء والطيب، وجعلت قُرَّة عيني في الصلاة" رواه النسائي وأحمد، وكان عليه السلام إذا حَزبه أمر (أي نزل به هم أو غم) قال: "أرحنا بها يا بلال". رواه أبو داود وأحمد.
وفي الصلاة: تدرب على حب النظام والتزام التنظيم في الأعمال وشؤون الحياة، لأدائها في أوقات منظمة، وبها يتعلم المرء خصال الحلم والأناة والسكينة والوقار، ويتعود على حصر الذهن في المفيد النافع، لتركيز الانتباه في معاني آيات القرآن وعظمة الله تعالى ومعاني الصلاة.
كما أن الصلاة مدرسة خلقية عملية انضباطية تربي فضيلة الصدق والأمانة، وتنهى عن الفحشاء والمنكر:
{وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت: 45].
فوائد الصلاة الاجتماعية: إقرار العقيدة الجامعة لأفراد المجتمع، وتقويتها في نفوسهم، وفي تنظيم الجماعة في تماسكها حول هذه العقيدة، وفيها تقوية الشعور بالجماعة، وتنمية روابط الانتماء للأمة، وتحقيق التضامن الاجتماعي، ووحدة الفكر والجماعة التي هي بمثابة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وفي صلاة الجماعة: فوائد عميقة وكثيرة، من أهمها إعلان مظهر المساواة، وقوة الصف الواحد، ووحدة الكلمة، والتدرب على الطاعة في القضايا العامة أو المشتركة باتباع الإمام فيما يرضي الله تعالى، والاتجاه نحو هدف واحد وغاية نبيلة سامية هي الفوز برضوان الله تعالى.
كما أن بها تعارف المسلمين وتآلفهم، وتعاونهم على البر والتقوى، وتغذية الاهتمام بأوضاع وأحوال المسلمين العامة، ومساندة الضعيف والمريض والسجين والملاحَق بتهمة والغائب عن أسرته وأولاده. ويعد المسجد والصلاة فيه مقراً لقاعدة شعبية منظمة متعاونة متآزرة، تخرِّج القيادة، وتدعم السلطة الشرعية، وتصحح انحرافاتها وأخطاءها بالكلمة الناصحة والموعظة الحسنة، والقول الليِّن، والنقد البناء الهادف، لأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" حديث.
والصلاة تميِّز المسلم عن غيره، فتكون طريقاً للثقة والائتمان، وبعث روح المحبة والمودة فيما بين الناس : "من استقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم".