السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النحت الجانبى وتكوين المنعطفات
كيفيه تكوين المنعطفات :
يتم النحت الحانبى وتوسيع أرضيه الوادى بواسطه النهر الجارى فى منعطفاته . وتعتبر مشكله تكوين المنعطفات أو الثنيات النهريه Meanders من بين المشاكل الجيومورفولوجيه التى اثير من حولها جدل كثير . ولم تعد التفسيرات التقليديه كافيه لفهم تكوينها ، ومنها عدم الانتظام فى تضاريس وشكل الأرض التى يجري فيها النهر ، أو مصادفه النهر أثناء جريانه لمخارج أو مكاشف صخريه صلبه ، وهذا وذاك يسبب انحرافا فى مجرى النهر ينمو ويتطور مكونا لمنعطف كبير .
والواقع أن المنعطفات ليست عشوائيه فى تكوينها ولا فى جحمها ، ولا يمكن تفسير تناسقها وانتظامها الكامل على أساس الصدفه ، فهى نمو وتطور طبيعى يرتبط بميكانيكيه الجريان والنقل النهرى . وقد أمكن اثبات ذلك فى المعامل ، حيث حفرت مجارى مستقيمه فى رمال متماثله التكوين ، سرعان ما تكونت فيها منعطفات حالما انسابت فيها مياه جاريه .
وهناك حقيقه أخرى حاسمه ومقنعه أن المنعطفات اظهر ما تكون نموا ووضوحا فى السهول الفيضيه التى أرسبتها وأنشأتها الأنهار ذاتها ، ولاشك أن أى أضطراب أصلى فى مظهر السطح يكون قد غطى بواسطه الرواسب الفيضيه . ولقد لاحظ عدد من الكتاب وجود صله وارتباط بين أبعاد المنعطفات وتصريف النهر ، وبين منحدر الوادى وحجم وطبيعه الحموله النهريه .
مثال ذلك إذا ما ارتقع التصريف المائى ، ازداد تبعا لذلك اتساع نطاق المنعطفات ، وان لم يكن بنفس النسبه قد أوضح بيتس (1939) عن طريق الدراسه الحقليه أن النهر الذى يجرى فوق سهله الفيضي ، ويكون عرضه نحو 100 قدم (نحو 30م) فإن اتساع نطاق منعطفه يكون حوالى 1600 قدم (490 م) بينما النهر الذى يبلغ عرضه 1000 قدم (305 متر) يزداد اتساع انطاق منعطفه كثيرا فيصل نحو 12000 قدم (3660 متر) . وتسبب الزياده فى التصريف النهرى زياده أيضا فى طول موجه المنعطف Wave-length of Meander وهو المسافه بين قمتى Crests منعطفين متجاوزين .
ولعل عامل التصريف النهرى يعلل حقيقه أن المنعطفات ظاهره تختص بالجزء الأدنى من الوادى ، وأنها تضمحل بالاتجاه نحو منابع النهر . ولقد برهنت التجارب المعمليه والدراسات الحقليه أن المنعطفات تتكون وتنمو حينما تكون حموله القاع صغيره . وهذا بدوره ينهض دليلا على أن المجارى المائيه فى مرحله الشيخوخه هى التى يرتبط بها صنع المنعطفات .
كما يفسر حقيقه أن مجارى الماء المنصهر فوق أسطح الثلاجات والتى لا تحمل شيئا من الرواسب ، تتثنى صانعه لمنعطفات دقيقه . وغالبا ما يقال أن المنعطفات تنشأ فى المجارى التى تتصف بانحدارات هينه جدا كما فى الانهار الهرمه ، وفوق السهول الفيضيه . ومع هذا فاننا نجد أحيانا ان الانحدارات فى الانهار ذات المنعطفات يتطلب طاقه أكثر للتغلب على ما يفقد منها نتيجه للاحتكاك الناتج عن انحناء المجرى ، وهذه يستمد من سرعه الجريان الناشئة عن الانحدار الاشد . ولقد لفت ديورى Dury (1958 ، 1966)6 الانظار إلى حقيقه أن الاوديه ، كالانهار ، تتميز غالبا بطابع التثنى والانعطاف . وتتغطى هذه الاوديه عادة بفرشه سميكه من الرواسب الفيضيه ، ويجرى فيها النهر نفسه صانعا لانحناءات ومنعطفات . لكن منعطفات النهر المحفوره فى رواسب السهل الفيضى أصغر بكثير من منعطفات الوادى ، التى سبق نحتها فى الصخور الصلبه .
وقد أوضحت الابحاث أن منعطفات الوادى تماثل وتتمشى مع المقاييس الخاصه بمنعطفات النهر . ذلك أنه حينما يزداد اتساع الوادى عند منسوب المجرى ، يكبر بالتالى طول موجه منعطفات الوادى .
وقد أوضحت عمليات الحفر فى رواسب الحشو الفيضى لمنعطفات الوادى فى جنوب انجلترا وجود مجارى نهريه مطمورة ذات أبعاد اعظم بكثير من أبعاد المجارى الموجوده ، وذات صله وثيقه بأبعاد منعطفات الوادى . وقد استنتج " ديورى " ان تلك الاوديه ذات الطابع الانعطافى قد نحتت بواسطه انهار كانت تشغل كل قيعانها ، وأن التصريف المائى لتلك الانهار يقدر بما بين 80 ـ 100 مرة قدر التصريف المائى للانهار الحاليه ، مثل هذا التصريف المائى الضخم كان موجودا اثناء عصر البلايوستوسين ، حينما توفرت ظروف مواتيه فالامطار كانت اغزر ، والتسرب أقل ، والنبات نادروالتبخر ضئيل ، اضافه إلى المياه المنصهر من الثلوج ، مما ناسب عظم الجريان السطحى عنه حاليا . وفى فتره ما بعد الجليد ضمرت تلك المجارى العظميه بالرواسب الفيضيه وشغلت قيعانها الفسيحه الاودية ذات الطابع الانعطافى ، التى تجرى بها الان أنهار ضعيفه غير قادره على مواصله النحت .