تصنيف السواحـــل
تتأثر أنواع السواحل الناشئة من تغيرات منسوب البحر بعاملين رئيسين هما :-
طبيعة الحركة التي تسبب الإغراق Submergence أو الارتفاع والظهور Emergence ، ثم طبيعة الساحل الأصلية فيما إذا كان في السابق أرضا مرتفعة أو يابسا منخفضا . والسواحل الناشئة عن الإغراق بسبب الطغيان والغمر المحيطي Oceanic Transgression هي السواحل الأكثر انتشارا في وقتنا الحاضر ، وذلك بسبب الارتفاع العام الذي أصاب منسوب البحار العالمية في فترة ما بعد الجليد حتى وقتنا الحالي .
وهناك من السواحل ما عاني من عمليات الارتفاع والانخفاض سواء من جانب اليابس أو من جانب البحر عدة مرات ، وانطبعت فيها ظواهر متعددة ، بحيث لا يستبين فيها نموذج واضح لآي من النمطين السالفي الذكر (السواحل الغائصة والسواحل الظاهرة) ، ومثلها يعرف بالسواحل المركبة Compoundcoasts . فحينما انصهر جليد الغطاءات الجليدية البلايوستوسينية وأخذت مياهه طريقها إلى البحر ، تغير منسوبه بالارتفاع ، لكن قد نتج عن الانصهار أنزياح ثقل وضغط عظيمين عن اليابس ، فأخذ بالارتفاع أيزوستاتيا . وبسبب تداخل عمليات التغير هذه أيزوستاتيا و أيوستاتيا ، تعقدت النتائج الخاصة بتشكيل السواحل وأنماطها .
ويبقى بعد ذلك نمط السواحل المحايدة Neutralcoasts ، التي لا تتصل نشأتها بفعل الذبذبات الايوستاتية (المائية) ، و إنما نشأت عند هوامش أرض جديدة ظهرت بفعل الارساب ، ومثلها :- سواحل الدالات النهرية ، وسواحل مسطحات الطين والمستنقعات ، والسواحل البركانية حيث يتمثل خط الساحل في هامش تدفقات اللافا ، ثم السواحل المرجانية .
وفيما يلي دراسة لكل نمط من الأنماط السالفة الذكر
أولاً : السواحل الغارقة (Submerged Coasts) :
ويمكن تقسيم السواحل الغارقة إلى مجموعتين بحسب طبيعتها وحالتها الأولى قبل أن يصيبها الإغراق . فهنالك مجموعة سواحل مرتفعة حل بها الإغراق ، ومجموعة ثانية كانت منخفضة حين غمرتها مياه البحر .
ولكل من الصنفين ظواهره الخاصة به :-
أ) السواحل المرتفعة التي أصابها الإغراق :
حينما يطغى البحر على هامش أرض مرتفعة مضرسة غير منتظمة ، فانه ينشأ عن ذلك خط ساحل مسنن كثير التعرج ، وتكتنفه الجزر وأشباه الجزر ، التي تبقى شاخصة ممثلة للأراضي المرتفعة السابقة للغمر .
وأهم أنواع السواحل التي ضمن هذه المجموعة ما يلي :-
1- ساحل الرياس Rias .
2- ساحل الفيوردات Fjord ، وفيه تمتد المرتفعات والأودية متقاطعة (عرضية) مع خط الساحل .
3- الساحل الدالماشي أو الطولي Dalmatian or Longitudinal ، وفيه تكون الجبال ممتدة بطول وموازاة خط الساحل .
وفيما يلي دراسة خاصة مختصرة لكل نوع منها :
1- سواحل الرياس :
ينشأ ساحل الرياس Rias Coastline حينما يصيب التغريق مساحة من اليابس مرتفعة مطلة على البحر أو المحيط ، حيث تلتقي التلال ومصبات أو أداني الأودية النهرية مع خط الساحل بزوايا قائمة والرياس تبدو بشكل خلجان أو مداخل بحرية ذات شكل قمعي ، وهي تتناقص في الاتساع والعمق كلما توغلت في داخل اليابس . وينتهي إليها ويصب في كل رياس منها نهر ، وكل رياس في الواقع يمثل الجزء الأدنى السالف من النهر قبل حدوث الغريق . شكل 24 .
(24) ساحل رياس Rias في جنوب غرب أيرلندا .
الخطوط السوداء الثقيلة توضح الامتداد التقريبي للحافات الرئيسية ، ومعظمها ينتهي في البحر برؤوس أرضية Promontries
ولهذا النمط من السواحل أمثلة عديدة ، نذكر من بينها الساحل الأسباني الممتد إلى الجنوب من رأس فينيستر Cape Finisterre في شمال غرب أسبانيا ، ويدعى ساحل رياس ، وهو الاسم الذي انسحب على كل السواحل المماثلة في خصائصها في العالم كظاهرة جيومورفولوجية . وأمثلة أخرى لسواحل الرياس نجدها في غرب أيرلندا وعلى طول الساحل الغربي لبريتاني Brittany في شمال غرب فرنسا . وفي كل حالة من الأمثلة السابقة تشير خطوط الأعماق البحرية المتساوية لخلجان الرياس إشارة واضحة لخصائص الوادي النهري السالف الذي كان يمتد صوب البحر قبل أن يصيبه التغريق . وهناك نمط فرعي من خلجان الريا أو المصبات النهرية الغارقة ، ونجده على امتداد الساحل الجنوبي لكرنوول Cornwal وديفون Devon بإنجلترا ، وأيضا في ساحل جنوب بيمبروك شير Pembrokeshire (بريطانيا) ، قد تشكل نتيجة لتغريق هوامش هضاب منخفضة متقطعة . وأكبر خليجين قمعيين من نمط الرياس هذا في شبه الجزيرة الجنوبية الغربية South-West Peninsula هما :
رياس تامار Tamar (مصب نهري خليجي) ، وعند نهايته تقع بلايماوث Plymouth وترسانات للأسطول الانجليزي . و الرياس الثاني يسمى فال Fal ويتألف مخرجه إلى البحر من شريط مائي يسمى (Carrick Roads) محمى تبلغ مساحته نحو 26 كيلو متر مربع ، وعمقه يزيد على عشرين مترا ، وتطل عليه ميناء فال موث Falmouth ، التي كانت فيما مضى من بين أهم المواني البريطانية ، وهي الآن ما تزال مركزا مهما لإصلاح السفن .
2- سواحل الفيوردات :
يوجد هذا النمط من سواحل في جهات متعددة من سواحل الكتل القارية ويشتهر بالسواحل الفيوردية Fjord Ceastlines غرب اسكتلندا ، وغرب وجنوب النرويج ، وجزيرة جرينلندا ، ولبرادور ، وولاية كولومبيا البريطانية في غرب كندا ، وشبة جزيرة ألاسكا في شمال غرب أمريكا الشمالية ، وجنوب شيلي ، ونيوزيلندا .
ولقد كانت الفيوردات في الأصل أودية جليدية عميقة أصابها التغريق بعد انتهاء الجليد البلايوستوسيني ، وتبعا لذلك فان الفيوردات بأشكالها الحالية لها كثير من خصائص الأودية الجليدية ، فعلى سبيل المثال نرى قطاعها العرضى يبدو بهيئة الحرف الإفرنجي U ، فهي عميقة شديدة انحدار الجوانب ، وينتهي إليها عدد عديد من الأودية المعلقة ، وهى الروافد الجليدية السابقة .
وتتميز الفيوردات النرويجية بشدة العمق ، وشدة انحدار الجوانب . وهى تنفرد بهذه الصفة عن غيرها من فيوردات اسكتلندا مثلا . فالجانب الشمالي لفيورد سوجيني Sogne Fjord ينحدر بزاوية مقدارها يتراوح بين 28 – 34 درجة من هضبة بوستيدالسبر Jostedalsbre الواقعة على ارتفاع 1500 م إلى عمق 900 م دون منسوب البحر . وله "روافد" ذات جوانب أشد انحدار منها الرافد المسمى نيرو Naero Fjord الذي يتصف بمنحدرات تزيد درجات انحدارها على 50 درجة بصفة مستمرة . شكل 25 .
(25) ساحل غرب النرويج ، نموذج لساحل الفيوردات
وتبدو فيوردات النرويج طويلة وضيقة ، ومحدودة بخطوط مستقيمة ، وتتصل بها روافد أو فروع بزوايا قائمة أو شبه قائمة . ويبلغ طول السوجني فيورد Sognee Fjord نحو 160 كيلو مترا ، وعرضه لا يزيد على خمسة كيلو مترات إلا نادرا ، وهى ينتهي عند مدينه بيرجين الشهيرة على الساحل النرويجي . ويقل عن ذلك طولا فيورد آخر له شهرة خاصة هو فيورد تزوندهايم Trondhelm الذي ينتهي قرب ميناء تحمل نفس الاسم ، وطوله 120 كيلو مترا أما فيورد هاردانجر Hardanger فيبلغ طوله 112 كيلومترا ، وله روافد أو فرع طويل يسمى سور Sor Fjord ، طوله 37 كيلو مترا .
وعادة يوجد بالقرب من مخرج كل فيورد إلى البحر ، حاجز أو عتبه صخرية صلده ، يغطيها في بعض الاحايين غطاء من الرواسب الجليدية الأصل ، ولقد يمثل هذا الغطاء الرسوبي ركاما جليديا نهائيا ، وتتميز بوجود هذه العتبة كل فيوردات السواحل النرويجية ، وهى تستقر على أعماق تتراوح بين 45-60 م تحت مستوى مياه البحر . وواضح أن العتبات أكثر ضحولة من داخلية الفيوردات التي تصل أعماقها إلى 1500 م ، بل لقد قيست أعماق وصلت إلى 2000 م في فيورد سوجنى . ويتصل هذا العمق ويستمر على امتداد القيعان الفيوردية حتى رؤوسها (تجاه اليابس) .
وتسمى الفيوردات فى السواحل الاسكتلندية باسم Lochs وهى أشكال مثيلة للفيوردات لكن أبسط وأقل تعقيدا من فيوردات النرويج ومنحدراتها سهلة هينة نسبيا . وهى تتميز كغيرها بالعمق الواضح ، وبوجود العتبات الصخرية عند نهايتها في البحر . مثال ذلك لوش (فيورد) ليفين Loch Leven الذي ينفتح إلى فيورد لينه Loch Linnh ومن ثم إلى البحر ، فوق عتبة صخرية تظهر أحيانا فوق صفحة مياه البحر عندما يبلغ الجزر أدناه .
وعند مصب فيورد اتيف Loch Etive تتواجد عتبة صخرية مماثلة . وقد طال النقاش حول كيفية تشكيل السواحل الفيوردية ، ونشأة الفيوردات وقد تبين من مختلف الدراسات أن بعض الفيوردات يتمشى مع خطوط إنكسارية ، وبعضا آخر يحتل بالفعل أودية أخدودية . كما أن قسما من الفيوردات يتبع خطوط ضعف جيولوجية كنطاقات تماس بين تراكيب صخرية غير متماثلة ، ومتفاوتة الصلابة ، وقسما آخر يمتد بطول تكوينات صخرية ضعيفة قليلة المقاومة . مثال ذلك فيورد هاردانجر Hardanger ، الذي يمتد بطول ثنية مقعرة تتركب من صخور شيست ، وتنحصر بين كتلتين من الصخر البللوري الصلب .
ومهما يكن سبب النشأة الأولى ، فإن تلك الخطوط الضعيفة ، التي تتصف بأقل مقاومة ، قد مكنت للأنهار المائية قبل أن يحدث التجليد ويتراكم الجليد أثناء العصر الجليدي ، أن تشق لنفسها أودية في الأراضي المرتفعة . وفي أثناء العصر الجليدي البلايوستوسيني ، تراكم الجليد فوق هذه الأراضي المرتفعة ، مكونا لغطاءات جليدية سميكة وفسيحة . ومنها كانت تتحرك ألسنة جليدية ضخمة هي الثلاجات التي لا شك اتخذت من الأودية النهرية السابقة المشار إليها مسارات لها ، وشكلها الجليدي وانصهار الجليد الذي انتهت مياهه إلى البحر ، فارتفع منسوبه ، حدث التغريق ، وامتلأت الأودية بمياه البحر ، وأضحت ألسنة منه أو أذرعا له . ويلازم السواحل الفيوردية ويوازيها في الأغلب الأعم سلسلة متصلة الحلقات من الجزر التلالية المنخفضة ، وهى في أغلب الظن تمثل الأجزاء المرتفعة من رصيف بحري Strandflat أصابه التغريق وعادة ما نجدها مغطاة برواسب ركامية . وتبدو هذه الظاهرة أشد ما تكون وضوحا أمام ساحل النرويج وبموازاته ، حيث تعرف الجزر باسم سكيريس Skerries وبينها وبين خط الساحل ينحصر شريط مائي هادئ المياه ، إذ تحميه سلاسل الجزر من عواصف المحيط وأنوائه .
وفيه تجري السفن آمنه تجوب الساحل النرويجي من الجنوب إلى أقصى الشمال وقد شجع هذا الشريط المائي المحمي ، بالإضافة إلى الفيوردات ، وهي الخلجان الطويلة العميقة المحببة أيضا ، سكان النرويج على الاتجاه نحو البحر وركوبه . فمنذ أكثر من عشرة قرون ، كان رجال الفايكنج Vikings (رجال الفكس Viks أي رجال الخلجان أو الفيوردات) سادة بحار غربي أوربا ، وكان مجرد ظهورهم بجوار السواحل الأوربية ينشر الرعب في قلوب السكان . وما يزال البحر عصب الحياة لسكان النرويج ، فالقطر من أوائل أقطار العالم في صيد الحيتان وفي التجارة عبر البحار .
3- السواحل الدالماشية أو الطولية :
وفيها تمتد الجبال بموازاة الساحل الذي يصيبه الهبوط والإغراق . وتبعا لامتداد المرتفعات فان الساحل يميل إلى الاستقامة والانتظام ما لم يكن الهبوط كبيرا . وحينئذ تصبح السلاسل الجبلية الخارجية عبارة عن صفوف طولية من الجزر ، ويفصلها عن السلاسل الداخلية ممر مائي طويل كان في الأصل ، وقبل الهبوط والتغريق ، واديا منخفضا يفصل بين السلاسل الجبلية الداخلية والخارجية .
ويبدو هذا واضحا على امتداد ساحل يوغسلافيا المطل على البحر الادرياتي وهو "النموذج الدالماشي" للسواحل الطويلة ذات الظواهر المميزة المشار إليها . وينعكس اتجاه مرتفعات الالب الدينارية الشمالي الغربي – الجنوبي الشرقي على شكل وتوجيه الجزر ، وأشباه الجزر والخلجان التي تعرف هناك باسم كانالي Canali وفالوني Valloni ويبدو أن هذا النطاق ما يزال معرضا للهبوط والتغريق ، يدل على ذلك العثور على مخلفات للاستيطان البشري ، وبعضها يمثل بقايا تنسب للعهد الروماني ، تحت منسوب البحر الحالي بنحو مترين .
وهناك أمثلة أخرى عديدة للسواحل الطويلة الغارقة نجدها على امتداد سواحل غرب الأمريكتين ، وتعرف أحيانا بنوع "الساحل الباسفيكي" وأيضا في سواحل جنوبي أيرلندا في نطاق مرفأ كورك Corkharbour . وينشأ من عمليات التغريق في كل حاله من الحالات الثلاث المشار إليها وأمثالها تكوين ساحل شاب ، تدأب عمليات التعرية البحرية في التأثير فيه ، لتخلع عليه أشكالاً جديدة تتفق ومختلف مراحل التعرية الساحلية . شكل 26 .
(26) ساحل دالماشيا Dalmatia اليوغسلافي ، الأرض اليابسة موضحة بالنقط ، وخطوط الأعماق المتساوية بالمتر .
ب) السواحل المنخفضة التي أصابها التغريق :-
حينما يحدث الطغيان البحري لنطاق ساحلي منخفض ، فإن نتائجه تمتد لتشمل رقعة من اليابس ضخمة رحبة ، نظرا لآن أي انخفاض طفيف في النطاق الساحلي ، أو أي ارتفاع ضئيل في منسوب مياه البحر ، يسمح لمياه البحر بالطغيان على مساحة كبيرة بسبب أن منحدرات النطاق الساحلي تكون سهلة هينة . شكل 27 .
(27) ساحل مرفأ كورك Cork harbour ، قسم من ساحل جنوب ايرلندا .
نمط تعاريج الساحل الناشئة عن تغريق جزئي لمساحة ساحلية كانت تتميز بحافات منخفضة ، وأودية موازية للامتداد الرئيسي لخط الساحل .
وحين يحدث التغريق لساحل منخفض هذا حاله ، فإن الأودية النهرية التي تجري عليه تتحول إلى خلجان عريضة ضحلة ، وتنقش المستنقعات ، كما تظهر مسطحات الطين حين الجزر . ويكثر وجود القنوات والمداخل المائيه (الخلجان) الضحلة المتعرجة . ومثل هذا نجده ظاهرا واضحا في ساحل جنوب سفولك Suffolk . وعلى حين تكون السواحل المرتفعة التي أصابها التغريق مجالا لفعل التعرية البحرية فإن السواحل المنخفضة التي غمرها ماء البحر تكون مسرحا للارساب . وتبعا لذلك تنشأ الألسنة الارسابية Spits ، والحواجز البعيدة عن الشاطئ Off Shore Bars ، واللاجونات (البحيرات الساحلية الطويلة) والمستنقعات الساحلية . ويعمل الارساب بالتدريج كي يستقيم الساحل ، فيطمس معالم التعرج والتسنن التي نشأت مع الإغراق . ومن أنماط السواحل التي تدخل ضمن هذه المجموعة :
1- سواحل الارساب الجليدي :
وتبدو هذه الظواهر واضحة جلية في بعض شواطئ شمالي أيرلندا ، حيث الساحل المنخفض الذي يحمل أشكال ارساب جليدي سابق ، كأشكال الدرملين Drumlin ، التي تبدو بعد التغريق في هيئة جزر تلالية مستديرة منخفضة . ومثال آخر لهذا النمط من السواحل يتواجد في منطقة مرفأ بوسطون Boston بشمال شرقي الولايات المتحدة الأمريكية حيث طغي البحر على مساحة تزركشها الدرملين المستديرة الهامات .
2- سواحل الغابات الغارقة :
تتميز بعض السواحل بوجود طبقات من النباتات المنتفخة تمتد بطولها ، وفيها قد انطمرت جذور الأشجار وسيقانها . وهى توجد فيما بين منسوبي المد والجزر أو قد تختفي أحيانا أسفل مستوى مياه الجزر . وتظهر أعمال الحفر الخاصة بإنشاء المرافئ وأحواض رسو السفن و إصلاحها كثيرا من هذه الظواهر . ولذلك أمثلة عديدة في أحواض باري Barryفي جلامورجان Clamorgan ، وحول سوث أمبتون Southamptom . ويتميز كثير من سواحل لانكشير Lancashire وشبه جزيرة ويرال Wirral ، وسواحل شمال ويلز بوجود هذه الطبقات النباتية المتفحمة . وعلى عمق عشرين مترا في نطاق ساحل قنال بريستول Bristolchannel وفي سواحل كورنوول Cornwall توجد طبقة تحتوي على جذور وجذوع أشجار البلوط . ومثل هذا نجده في بعض سواحل أيرلندا . وكثيرا ما تجلب شباك الصيد المعروفة بشباك الجر قدرا من النبات المتفحم إلى البر .
3- سواحل الفييردات :
تنفرد بعض السواحل المنخفضة بظواهر تعرج يطلق عليها اسم الفييردات Fjaerd وهو اسم تعرف به على الخصوص سواحل جنوب السويد المنخفضة الكثيرة التعاريج ولربما كان اللفظ فيورد Fjord النرويجي .
ويتألف الفييرد من مدخل أو لسان بحري خليجي الشكل ، يتميز بجوانب منخفضة هينه الانحدار ، ومتوازية إلى حد كبير ، وتكتنفه الجزر الهامشية .
وهو يختلف عن الفيورد Fjord في أنه يتواجد في بيئة منخفضة ، كما أنه أكثر من الفيورد اتساعا ، وأقل منه انتظاما . ويتميز عن الريا Ria بأنه أكثر عمقا ، كما تتواجد عند مخرجه عتبه تشبه العتبة التي تشكل مخرج الفيورد . ويبدو أن الفييرد يشبه الفيورد في أصل النشأة ، فقد قامت التعرية النهرية فيما قبل الجليد بتشكيلة ، ثم شارك الجليد بفعله ، وبتأثير مجاري أسفل الجليد ، في تعميقه وتوسيعه ، ثم تم تغريقه بمياه البحر وفي كثير من الفييردات تصب أنهار السويد المتوازية المجاري ، التي تنتهي إلى البحر البلطي . وهناك ظواهر مشابهة للساحل الفييردي في جهات أخرى ، مثل ما في سواحل جزر شيتلاند Shettland ، وعلى امتداد سواحل نوفاسكوشيا Novascotia .
4- الساحل الألماني :
ترجع الخصائص الحالية لسواحل ألمانيا (بقسميها الشرقي والغربي) للتغريق الذي حدث فيما بعد الجليد لسهل ساحلي ينحدر انحداراً سهلاً هيناً ، لكن بغير انتظام ، ويتألف من صخور حديثة النشأة ، تغطيها رواسب تراكمت بفعل الجليد . فعلى امتداد الساحل الألمانى المطل على بحر الشمال حول التغريق النطاق الخارجى للكثبان الرملية القديمة إلى سلسلة من الجزر الرملية المنخفضة ، وهي التي بجزر فريزيان الشرقية والشمالية East and North Islands ، ويفصلها عن اليابس نطاق من مسطحات الطين ، يسميها الألمان باسم فاتين Watten .
وفضلا من ذلك ، فقد غزت مياه البحر المصبات النهرية السالفة ، وحولتها إلى خلجان تبدو الآن أكبر حجما من الأنهار التي تنتهي إليها مثل نهر الامز Ems الذي يصب في خليج دولارت Dollart ، وجيد Jade الذي ينتهي إلى خليج جيد Jade-Busen .
ويتميز الساحل الألماني المطل على البحر البلطي بمداخل وخلجان بحرية طويلة ذات جوانب مستقيمة ، وهى تتعمق كثيرا في يابس مقاطعتي شليزفيج – هولشمتاين Shlesvig-Holstein . وهى في الأصل الأجزاء الدنيا من مجاري مائية أصابها التغريق ويحتمل أن شارك الجليد بفعله في نحتها ، عن طريق المجاري المتدفقة فيما تحت الغطاء الجليدي البلايوستوسينى ، ويطلق على هذه الخلجان في الساحل الألماني اسم فوردين Foehren . ويتميز الساحل الغربي للبحر البلطي عموما بهذه الظاهرة التي يطلق عليها في الدنمارك الاسم النرويجي "فيورد" ، رغم أنها تختلف عنه كثيرا في الشكل ، لهذا لا ينبغي الخلط بينهما
وأشهر خلجان الفوردي في ألمانيا ثلاثة هي : فلينز بورج Flensburger-Foerde وفوردي كيبل Kieler Foehrde ، ثم فوردي ايكر Eckern Foehrde .
وتكتنف الساحل الجنوبي للبحر البلطي سلسلة من الجزر ذات شكل فريد ، تفصل بينها مداخل بحرية أو خلجان ذات شكل خاص متميز أيضا تعرف باسم بودين Bodden . ويتألف نطاق جزر روجين Ruegen من عدد غير منتظم من الجزر التي نشأت أصلا عن عمليات هبوط لساحل مكون من كثبان رملية قديمة ويصل بين هذه الجزر ألسنة رملية تضم عدد من خلجان البودين . شكل 28 .
(28) سواحل المانيا قبل التقسيم (قبل عام 1945) الأرض اليابسة موضحة بالنقط .
ويتفرد الساحل الجنوبي الشرقي للبحر البلطي الذي يتبع الآن بولندا والاتحاد السوفيتي (والذي تم اقتطاعه في أعقاب الحرب الكبرى الأخيرة من ألمانيا) بنمو الألسنة الرملية المشهورة باسم هو نيرونجين Nehrungen ، وهى النمط الذي ينمو عبر المصبات النهرية الخليجية الضحلة الناشئة عن التغريق بسبب الطغيان البحري . وخلف هذه الألسنة الرملية التي تعمل على استقامة خط الساحل ، وبينها وبين يابس الساحل تمتد لاجونات تعرف هناك باسم هافي Haffe .