المحسنات البديعية و أقسامها:
المحسنات البديعية كثيرة إبتداها عبد الله بن المعتز صاحب أول محاولة علمية جادة في ميدان علم البديع ممثلة في " كتاب البديع " الذي ألفه سنة 274هـ ردا على من زعم من معاصريه أن بشارا و مسلما و أبا نواس هم السابقون إلى استعمال البديع في أشعارهم.
و لذلك يقول في مقدمة كتابه: « قد قدمنا في أبواب كتابنا هذا بعض ما وجدنا في القرآن و اللغة، و أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم، و كلام الصحابة و الأعراب و غيرهم، و أشعار المتقدمين من الكلام الذي سماه المحدثون البديع، ليعلم أن بشارا و مسلما و أبا نواس و من تقيلهم و سلك سبيلهم، لم يسبقوا إلى هذا الفن، و لكنه كثر في أشعارهم فعرف في زمانهم، حتى سمي بهذا الاسم، فأعرب عنه، و دل عليه».
و قد كانت أبواب كتابة خمسة أبواب هي: الاستعارة و الجناس و المطابقة و رد إعجاز الكلام على ما تقدمها، و المذهب الكلامي، و قد اتبعها بذكر ثلاثة عشر فنا بديعيا. و قد اعترف أنه لم يذكر إلا بعض محاسن الكلام و الشعر لأن « محاسنها كثيرة لا ينبغي للعالم أن يدعي الاحاطة بها، حتى يتبرأ من شذوذ بعضها عن عمله و ذكره ».
ورغم أن ابن المعتز قد اخترع ثمانية عشر نوعا من أنواع البديع و لم يدع الاحاطة بها كما رأينا و هو محق في احترازه ، و هي كثيرة - و لا ريب - إلا أنها تكاثرت على أيدي علماء البديع بعده حتى وصلت على يد صفي الدين الحلى مائة و خمسة و أربعين محسنا بديعيا في بديعيته. و غايتها جميعا تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال و رعاية وضوح الدلالة يخلوها من التعقيد المعنوي. كما أنها جميعا تنقسم إلى قسمين:
1. محسنات بديعية معنوية تستهدف تحسين المعنى أساسا و أصلا و إن كانت تفيد تحسين اللفظ أيضا.
2. محسنات بديعية لفظية تستهدف أساسا و أصلا تحسين اللفظ و تحسين المعنى بالتبعية، لأن التعبير عن المعنى باللفظ الحسن يستتبع زيادة في تحسينه.